30. السعادة

 حسن الولهازي (تونس)

"السعادة هي سلعة مدهشة كلّما أعطيناها تعود لنا أضعافا"

بصفة عامّة في كلّ تبرّع هناك خسارة للمتبرّع وكسب للمتبرّع له. الأولّ يفقد شيئا والثاني يظفر بشيء. ولكن يبدو أن الشيء الوحيد الذي لا نخسره عندما نعطيه هو أن نجعل الآخرين سعداء. إن الشمعة لا تفقد شعلتها ولا نورها ولا هالتها عندما نشعل منها أشياء أخرى. أضف إلى ذلك فقد نصبح نحن أنفسنا سعداء بجعل الآخرين سعداء.

قد يعترض معترض بالقول: وهل من الممكن أن نجعل الآخرين سعداء دون أن نفقد شيئا ما : مال، أكل، ثياب...؟ هذا صحيح إلى حدّ ما ولكن لا يمكن أن نتحوّل إلى فقراء بسبب تبرّع. فقيمة الأشياء التي نتبرّع بها هي محدودة بالنسبة لنا أو حتّى تافهة، ولكن لها قيمة بالنسبة للمتسوّل. أضف إلى ذلك يكفي أحيانا بعض الكلمات التي لا تكلّف شيئا لجعل الآخرين سعداء ولو لحين. وماذا تنتظر الأمّ من ابنها الغائب أكثر من مكالمة هاتفية أو رسالة تطمئنها على حاله؟ وماذا ينتظر العاشق من حبيبه غير مبادلة نفس الحبّ؟ وماذا ينتظر المتّهم البريء من القاضي أكثر من إعلان الحكم بالبراءة؟ وماذا ينتظر الابن البار من والديه أكثر من تشجيعهما له و رضاهما عنه؟