هل للحيوان نفس عند فرويد؟
يبدو أن مفهوم اللاوعي أو اللاشعور
عند فرويد سيظلّ مفهوما غامضا. وسبب هذا الغموض هو أنّنا كنّا نُقصر مفهوم الشعور
أو الوعي على الإنسان ومفهوم اللاشعور أو اللاوعي على بقية الكائنات ومنها
الحيوان، فإذا بفرويد –وهو عالم نفس- يكتشف أن اللاشعور هو منظّمة من المنظّمات
الثلاث للجهاز النفسي. أي هو في نهاية المطاف جزء من نفس الإنسان. فهل يمكن
والحالة هذه أن نقول إن إنعدام الوعي عند الحيوان لا يعني إنعدام النفس لديه، بل
أكثر من ذلك أليس وجود اللاوعي، حجّةً على وجود النفس؟ فما هي حقيقة اللاشعور عند
فرويد؟ وهل للحيوان نفس؟
معروف أن النظرية الأولى للجهاز
النفسي عند فرويد تتكوّن من الشعور وما قبل الشعور واللاشعور. وتبعا لذلك
فاللاشعور جزء من النفس. وممّا يدعّم هذا الحكم، هو أنّ اللاشعور هو مجموع الرغبات
المكبوتة المنسية والتي لم تعد تدخل منطقة الشعور. وبديهي أن الكبت يفترض وجود نفس
أوّلا حتّى تشعر بالكبت. وبإعتبار أن الأمر كذلك، فاللاشعور لا يكون إلاّ لكائن له
نفس. هذا التحديد للاّشعور يستبعد منه تلك التوجّهات الغريزية الفطرية التي نجدها
في الحيوان والرضيع.
ولكن هل هذا الإستبعاد ممكن؟
يبدو أنّه غير ممكن لأنّ الحيوان يتصرّف
باللاّشعور أيضا. وإذا رُمنا تعديل المفهوم السابق لللاشعور، وأخذنا بعين الإعتبار
التوجهات الفطرية اللاشعورية وأقحمناها في اللاشعور، عندئذ لا نفهم كيف يكون
اللاشعور جزءا من النفس وهو في نفس الوقت للحيوان. فهل للحيوان نفس عند فرويد؟ ثمّ
كيف نقحم التوجّهات الغريزية في اللاشعور و الحال أن الإنسان يمكن أن يعي بغرائزه؟
الحلّ في نظري:
يجب أن نفرّق بين نوعين من اللاشعور: لاشعور لا علاقة له
بالنفس فهو مجرّد توجّه غريزي وهناك لاشعور هو جزء من النفس وهو مجموع الرغبات
المكبوتة المترتّبة عن الشعور. فالحيوان يظلّ سجين اللاشعور الأوّل (الغريزة)،
أمّا الإنسان فيبدأ حياته باللاشعور الحيواني (حالة الرضيع) فمتى أصبح واعيا يعي
بلاشعوره الأوّل أي بغرائزه ولكن يتكوّن له لاشعور ثاني هو مجموع الرغبات المكبوتة
والمنسية.