التمرين9: "أقسى عذاب يمكن أن يسلّط عليّ أن أنعم بالجنّة وحدي". ما هي أبعاد هذه القولة؟

ECRITS
0

                                                  حسن الولـهازي (تونس)

التمرين9: "أقسى عذاب يمكن أن يسلّط عليّ أن أنعم بالجنّة وحدي". ما هي أبعاد هذه القولة؟

قد يذهب في ظنّ البعض أن قائل هذه الجملة هو شخص متخلّق يميل إلى الأثرة (يؤثر غيره على نفسه) ويفضّل أن يشاركه الغير في ما يمتّع به من خيرات. ولكن الواقع أن ما يقصده صاحب القولة أعمق من ذلك بكثير. أيّ إنسان لا قيمة له على الإطلاق بمعزل عن الغير. ولِندرك ذلك، تخيّل أن كلّ سكّان الكرة الأرضية توفّوا إلاّ شخص واحد. فهل لهذه الشخص قيمة؟ ألا يصيبه ذلك بالقشعريرة؟ لمن يحيا؟ هل لوجوده معنى؟ لمن يشيّد وينجز؟ من سيعترف بقيمته؟

ولسائل أن يسأل، ما حاجة هذا الشخص للآخر وكلّ شيء متاح له أو كما جاء في القولة "في الجنة"؟ سبب حاجة الإنسان لغيره تعود إلى أن حاجيات الإنسان ليست فقط مادّية. فلأنّه جسد وروح، له حاجيات مادية وله أيضا حاجيات معنوية. من هذه الحاجيات المعنوية هو اعتراف الغير به كذات لها قيمة. ولكن الحاجة الرّئيسية التي تجعل كلّ شخص في حاجة لغيره هي حاجته لوعي الغير ليتحدّي الموت ويظفر بالخلود. فمن سيتذكّر هذا الشخص الوحيد وينقذه من العدم؟ ألا يكون وجوده مثل عدمه؟

يمكن أن نستخلص إذا أن الجنّة لا معنى لها بدون الغير، بل يمكن حتّى أن نقول أن الغير هو الذي يجعل من الجنّة، جنّة إذ بدونه تتحوّل إلى جحيم.

Enregistrer un commentaire

0Commentaires

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*

To Top