12. التسلّط و منطق التحريم و التجريم(2)

ECRITS
0

حسن الولهازي (تونس)

التسلّط و منطق التحريم و التجريم(2)


ما علاقة السلطة والنفوذ بالتحريم ؟
لا يحرّم ولا يمنع إلا صاحب سلطة ونفوذ وقد يكون صاحب السلطة  رجل دين يستند للشريعة أو صاحب سلطة سياسية يستند للقانون. ولكن الملاحظ أن كليهما يستخدم هذه السلطة لمصلحته أين هم أولياء الأمور حتّى نتّبع مشورتهم؟ فهم ما تمكّنوا من رقابنا إلا لأننا قدّسناهم  وذللنا أنفسنا. هل هناك مثيل عمربن الخطاب أو عمر بن عبد العزيز في هذا العصر؟ عندما يوجد أولياء الأمور سوف نتّبعهم. فمن يدعو لإتباع أولياء الأمور- بما هم عليه الآن- هو كمن يدفع بقطيع من الأغنام إلى مجموعة من الذئاب. يسأل البعض ما الخطأ في أن يدعو المصلحون إلى غلق المواقع الجنسية وحجب المواقع التي تفسد الأخلاق؟
 سأبين لهؤلاء أن هناك أخطاء وليس خطأ واحدا:
1)      إن شعبا ينتظر من أصحاب السلطة السيّاسية والدينية أن يعرّفوه بالحلال والحرام ويغلقون له مواقع ولا يغلقها هو بنفسه هو شعب يُهين نفسه كما أن الحاكم يهينه عندما يعامله على أنّه صبيّ في حاجة للتربية. فالتربية للصبيان وليست للشعوب.أغلب مواقع النت مفتوجة في أغلب الدوّل الأوروبية. هل يعنى ذلك أن حكّامهم يريدون  لشعوبهم أخلاقا متدهورة؟ فهؤلاء الذين نقول عنهم أنّهم كفار هم أفضل منّا علما وحضارة وأخلاقا. فحضارتهم في تقدّم مستمرّ ونحن نستورد منهم الدواء والأجهزة الإلكترونية وغير ذلك. ناهيك أن القرآن نذيعه من صوامعنا صنعها أولئك الذين نقول عنهم متخنثين وكفّار. كفانا غرورا...خلاصة القول المبالغة في التحريم زادت من ترغيب الناس في الإقبال على الفساد وكلّ ممنوع مرغوب كما يقال. وقديما كان يُعتقد أن دراسة الولد والبنت في نفس القسم سيكون الشيطان ثالثهما ولكن شيئا من ذلك لم يحصل بل إنّها أصبحت اليوم تثير الضحك. إضافة إلى ذلك فهناك فضائيات جنسية تبث منذ التسعينات. هل إنهارت الأخلاق وساد قانون الغاب؟
2)      بإعتبار أن أنظمة الحكم في الدوّل العربية هي أنظمة دكتاتورية يحلو لها الحريم والتجريم والتنكيل بالعباد، فإن إستخدام منطق التحريم والتجريم يساعدها على توسيع بوتقة الضغط  والتسلّط خاصة وأن هذه الطبقة الحاكمة والمشرّعة هي أفسد خلق الله (إستغلال السيّاسيين لنفوذهم، إغتصاب بعض رجال الكنيسة المسيحيين للأطفال،....)
3)      ينطق من يسمّون أنفسهم مصلحين بإسم الواجب. وبإعتبار أن المجتمع ينقسم إلى حاكم ومحكوم فمن المفروض أن يبيّنوا الواجبات الملزمة لهذا والواجبات الملزمة لذاك. ولكن الغريب في الأمر أنّهم لا يخاطبون إلاّ المحكوم ويثقلون كاهله بالأوامر والنواهي. أما تجاه الحاكم فيصابون بالخرس. فالحاكم يأمر بالباطل وينهى عن المعروف وهم يتفرّجون وكأن على رؤوسهم الطير، بل إنهم يشكرونه ويهتفون بحياته.هل هذا هو العدل؟ على الأقل إخرسوا مثلما خرستم تجاه الحاكم. تقولون يجب غلق المواقع الإباحية. فليكن. ولكن لماذا تصمتون حول غلق المواقع التي تنقد الحاكم؟ لماذا لا نتحدّث عن المساجين السيّاسيين والفوارق الإجتماعية والرّشوة و....و...ونتحدّث فقط عن عراء هيفاء وهبي.
 فمن يروم الإصلاح حقيقة عليه أن يقوّم كلّ إعوجاج، عليه أن يصلح كلّ فساد يتراءى له سواء كان في الحاكم أو المحكوم ولا يوجه خطابه إلى المحكوم فقط لأنه يقدر أن يتّهمه ويترك الحاكم يفعل ما يريد. يا أخي كلّ مصلح يجب أن يكون عادلا ولا يتخابث. يا أخي ما معنى أن إمام جمعة يؤمن بضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضرورة  قول الحق ومع ذلك يخطب بما تمليه عليه وزارة الدّاخلية. ألا كفّوا من المداهنة؟
              حسن الولهازي    
Tags

Enregistrer un commentaire

0Commentaires

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*

To Top