31. متى ينصلح حال البشرية؟

ECRITS
0

حسن الولهازي (تونس)

متى ينصلح حال البشرية؟

    لا يمكن أن ينصلح حال البشرية إلاّ عندما يصل البشر إلى الإيمان بتفاهة الوجود الإنساني وعبثية الوجود عموما، أوبتعبير آخر عندما نصل إلى فقدان الرغبة في الحياة أو تتساوى الرغبة في البقاء مع الرغبة في الإنتحار، بحيث يفقد الفرد حماسه للبقاء، وإن قبل بذلك فإنّه يقبل به مستسلما لا راغبا.
 كيف سيصل الإنسان إلى هذا الإيمان بعبثية الوجود الإنساني؟
 يجب أن نفهم أنّنا قياسا على المستقبل البعيد، نعيش الآن في فجر التاريخ. وعندما يتطوّر الإنسان تطوّرا جدّيا، سوف تتغيّر نظرته لنفسه وللعالم وللحضارة بشكل جذري. سوف يدرك الإنسان في يوم ما أن النظام الحضاري الذي شيّده عبر التشريعات والآداب والفنون والأديان... وكذلك المعقولية التي اكتشفها أو أضفاها على الواقع المادّي بواسطة العلوم، كل ّ ذلك لا معنى له. إن ما يجعل الإنسان اليوم يتكالب على الملكية والجاه وملذّات الحياة هو جهله بعبثية الوجود وانشغاله بتطوير ظروف حياته والركون للثقافة الدينية التي تعده بحياة أخرى وتوهمه بأنّه لم يخلق عبثا. لكن في اليوم الذي يتطوّر تطوّرا، يجعله يصطدم بحاجز انعدام معنى هذا الوجود ويدرك أن الأديان هي أفيون الشعوب، ساعتها سيستيقظ من سباته ويكتشف الحقيقة المرّة التي ستفقده الشاهية للحياة. وهذه الحقيقة هي أنه كتب عليه أن يحيا دون أن يعرف من أين جاء وإلى أين يذهب ولماذا خلق أصلا؟
 ما هي نتيجة وعي الإنسان بإنعدام معنى الوجود؟

 نتيجة ذلك ايجابية جدّا. سوف يضطرّ الإنسان ليتآخى مع غيره. سوف يدرك أن لا معنى لهذه الجلبة اليومية ولا معنى لهذا الصراع على الملكية والنفوذ والجاه ولا فائدة ترجى من وراء الإستعمار وشن الحروب، فالقتل لا يضفي معنى على الوجود ولن ينقذ صاحبه من الموت والإندثار. في تلك الفترة سوف يتوحّد الناس في مواجهة العدم. انعدام معنى الوجود الإنساني سيكون بمثابة اللكمة التي تذلّ كلّ مغرور ومتجبّر وسوف تفقده كلّ التكالب على الحياة والشاهية للبقاء وكلّ ذلك يخدم التعايش السلمي. ولكن على شرط أن يكون المتعايشون على درجة كبيرة من تطوّر الوعي. 
Tags

Enregistrer un commentaire

0Commentaires

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*

To Top