40. الظواهر الكوانطية

ECRITS
0
                                                                               

حسن الولهازي (تونس)

الظواهر الكوانطية

مقدّمــــة: نظرية الكوانطم لها ثلاث أسس:
1)دراسة ماكس بلانك1858-1947) Max Planck (all. حول شعاع الجسم الأسود سنة 1900 منطلقا من فكرة تكميم الطاقة الضوئية.
2)مقال اينشتاين حول التأثير الضوئي الكهربائي الذي ظهر سنة 1905 وبالإرتكاز على فرضية بلانك، استنبط اينشتاين Albert Einstein (all.1879-1955) "حبّة الضوء" le grain de lumière.
3)نموذح ذرّة نيلس بور Niels Bohr (danois1885-1962) (1913) والذي نشر فيه خطوط طيف الذرّات بافتراض أن طاقة الإلكترونات داخل الذرّة هي كمّية quantifiée.
ويعدّ مقال اينشتاين هو الذي يسجّل في الحقيقة بداية نظرية الكوانتم لأنّه يسجّل ظهور "موضوع" نوع جديد هو "الكم". وهو كيان لا يمكن أن يعود إلى موضوعي الفيزياء الكلاسيكية "الجسيّم" و"الموجة".
I- معلوماتنا عن الذرّة قبل نظرية الكوانطم
أوّل عمل جاد في علم الذرّة كان مع العالم الكيمياوي جون دالتون John Dalton(1766-1844) ففي نظره المادّة مؤلفة من عدد محدود من العناصر الكيمياوية وهي حوالي مئة عنصر. ويعزى إليها تركيب كلّ الأجسام التي نراها في عالمنا. وحين نحلّل أي عنصر كيمياوي نجده يتألّف من ذرّات. ويعود التغيّر الكيمياوي في الجسم إلى انفصال الذرّات إذا كانت من قبل متّحدة أو إلى ارتباطها إذا كانت من قبل منفصلة. الذرّات في كلّ العناصر الكيمياوية متشابهة ولا تختلف ذرّات عنصر عن ذرّات عنصر آخر إلاّ في الوزن، لكن ما ظنّه دالتون ذرّة نسمّيه الآن جسيّما وأمكن تحليل الجسيّم إلى ذرّات.
الإكتشاف الضخم في عالم الذرّة كان على يد جوزيف جون طمسون (1856-1940) وهو اكتشاف أن الذرّة شيء مركّب يمكن تجزئته إلى ما هو أصغر منها. وقد اكتشف الإلكترون سنة 1903 ووجد أن الإلكترونات متشابهة في ذرّة كلّ عنصر ولا تختلف من عنصر إلى آخر إلاّ في العدد.
جاء بعده العالم ارنست رذرفورد Ernest Rutherford (1871-1937) فاكتشف النواة le noyau. في تلك الأثناء وبالتحديد في 1903 اكتشف بيكورال Henri Becquerel (1852-1908) وبيار وماري كوري Pierre Curie (1895-1906) et Marie Curie (1897-
1934) ما يسمّى بالتفتيت الإشعاعي. فقد اكتشفوا أن هناك مواد مثل الرّاديوم والهليوم لها خاصّية النشاط الإشعاعي. فالنواة في كلّ ذرّة من ذرّات المواد تصدر أشعّة هي على ثلاثة أنواع: أشعّة ألفا alfa وأشعة بطا béta وأشعّة ﭭـاما gamma. وأشعّة ألفا وأشعّة بطا هما مصدر معرفتنا عن نواة الذرّة.
بالإستعانة بما توصّ إليه هؤلاء الفرنسيّون اكتشف رذرفورد سنة 1911 البروتون le proton وهو أحد مكوّنات النواة، كما اكتشف أيضا أن الإلكترونات في كلّ ذرّة تدور حول النواة. كما اكتشف علماء آخرون في النواة غير البروتون عنصرين آخرين هما النيترون le neutron (1932) والبوزيترون le positron.
الإلكترون ذو شحنة سالبة، بينما البروتون ذو شحنة موجبة وليس للنترون شحنة كهربائية لكن كتلته مساوية لكتلة البروتون. كتلة البروتون قدر كتلة الإلكترون 1835 مرّة. تركيبة الإلكترون متشابهة في كلّ الذرّات في مختلف العناصر ولا تختلف الإلكترونات في مختلف الذرّات إلاّ في عددها فقط. أمّا النواة فيختلف تركيبها من ذرّة إلى أخرى. الإلكترونات تدور حول النواة دورة كوكبية كما تدور الأرض حول الشمس باستثناء أن مدار الإلكترون ليس ثابتا فقد يتّسع وقد يضيق. يتّسع مداره حين تزيد طاقته ويضيق مداره حين تنقص طاقته. البروتون والنوترون داخل النواة يدور أحدهما حول الآخر بسرعة تساوي 5/1 (خُمُسَ) سرعة الضوء وذلك بفضل قوّة تربط بيهما في القوّة النووية ومصدرها جزّيَّأ قصير العمر يسمّى البيون pion.
II- نظـــرية الكـــــــم (أو الكوانطم)
1) الذرّة تحتوي على طاقة
أهمّ ما جاءت به نظرية الكوانتم هو أن الذرّة تحوي لى جانب الجُزيْآت (أو الجُزيْءَات المعروف أن الهمزة تكتب على السطر إذا كان مفتوحة وما قبلها حرف علّة مثل: تساءَل/ مملوءَة ولكن إذا كان ما قبلها حرف ساكن فكيف تكتب؟ على السطر أم على الألف؟) التي ذكرناها تحوي طاقة. فما الطاقة؟
أ)الطــاقـــــــــة: لم يعرّف العلماء الطاقة في حدّ ذاتها ولكن أمكنهم صياغة قوانين حركاتها وتغيّراتها. تتّخذ الطاقة عدّة صوّر مثل الحرارة والضوء، والصوت والكهرباء... بالشمس ذرّات لكن لا ترسل ذرّات وإنّما ترسل طاقة. يمكن أن تتحرّك الطاقة في وسط مادّي أي تنتقل من ذرّة إلى أخرى، كما يمكن أن تسافر في الفضاء.
ب)طاقة الذرّة: الإشعاع نوع من الضوء والضوء طاقة: الذرّة هي مصدر الطاقة. للبروتون طاقة وللإلكترون طاقة. يمكن أن تنبعث من الذرّة طاقة في صورة ضوء وتسافر عبر الفضاء حتّى تصادف ذرّة أخرى تمتصّ تلك الطاقة الضوئية. والضوء نوعان، مرئي وغير مرئي. والصوء
غير المرئي هو الإشعاع مثل موجات المذياع والتلفزيون والأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية والأشعّة السّينية. يرجع اختلاف صوّر الإشعاع عن بعضها البعض إلى طول الموجة والطاقة المصاحبة لها. الموجة هي اهتزاز (أي نقيض الخط المستقيم). طول الموجة هو شرعة اهتزازها في الثانية. ويسمّى عدد الاهتزازات في الثانية تردّدا fréquence . والموجة قد تطول وقد تقصر، فيكون عدد الاهتزازات عاليا حين تكون الموجة قصيرة، ويكون منخفضا حين تكون الموجة طويلة. وصرعة أي شعاع نقيسه بعدد الموجات في الثانية مضروبا في طول الموجة. وسرعة الإشعاع هي سرعة الضوء بطبيعة الحال. وأبسط مثال حسّي على الإشعاع هو أن نأخذ بعضا من الملح الطعام ونضعه في درجة حرارة عالية فيكتسب طاقة تبدو لنا في صورة لهب.
2) الإلكترون: حـركته وطـاقـتـه
الإلكترون يدور حول النواة في مدار محدّد ومع ذلك ليس هو شيئا ندركه في ذاته بالبصر أو بالآلات وإنّما نستدّل على وجوده بآثاره حين يثار. وما لم تقع إثارته لا يمكننا الاستدلال على وجوده لأنّه لا يصدر عنه شيء. أقرب طريقة لرؤيته حين يثار هي رؤية مجرى مركّز يبعثه الإلكترون كلّما شقّ طريقه في جزيآت الغاز كذلك المجرى المركّز الذي تتركه الطائرة وراءها وهي مرتفعة حين لا نرى الطائرة ذاتها. يتّسع مدار الإلكترون أو يضيق حين تتغيّر طاقة الذرّة بفعل خارجي. فإذا سلّطنا طاقة على الذرّة حرارة مثلا فإنّها تمتصّ تلك الطاقة فيقفز الإلكترون إلى مدار أوسع. وإذا فقدت الذرّة بعض طاقتها يقفز الإلكترون إلى مدار أضيق. وحين تكتسب الذرّة طاقة أو حين تفقد بعض طاقتها يبدو ذلك في صورة انطلاق موجة ضوئية أو إشعاع.
قانون الإرتياب عند هايزنبرﭪ Werner Heisenberg (all.1901-1976): في سنة 1927 جاء هايزنبرڤ ليكتشف شيئا أكثر غرابة عن الإلكترون. حاول بتجاربه ملاحظة موضع الإلكترون وسرعته واتجاهه بأدقّ ما لديه من مكبّرات، بدا له أن ليس للإلكترون موضع محدّد وسرعة محدّدة. يمكن للعالم رصد ما يفعله الإلكترون بدقّة إذا كان يتناول مجموعة من الإلكترونات، لكن حين يريد العالم تحديد مسار واحد وسرعته واتجاهها، فجهد ضائع. نستطيع فقط أن نحدّد نقطة من نقط تحرّكات موجات الإلكترونات كمجموعة تمثّل الوضع المحتمل للإلكترون المعيّن. لكن الإلكترون الواحد منعزلا عن أخوته في مجموعته ليس غير بقعة غير محدّدة شأنها في ذلك شأن الرّيح أو موجات الصوت في الظلام. وكلّما قلّ عدد الإلكترونات التي يلاحظها العالم ازداد حيرة. ولا ترجع هذه الظاهرة عند هايزنبرﭪ إلى نقص في الآلات المخبرية وإنّما إلى طبيعة الإلكترون.
وصل هايزنبرڤ من كلّ ذلك إلى مبدأ أطلقت عليه تسميات مختلفة منها مبدأ اللاحتمية ومبدأ اللايقين وقانون الارتياب وقانون الاحتمال ومضمونه هو التالي: من المستحيل من حيث المبدأ أن نرصد موضع الإلكترون وسرعته واتجاهها بدقّة متناهية في نفس الوقت. يمكننا فقط أن نحدّد  بدقّة متناهية موضع الإلكترون وحينئذ لا نستطيع تحديد سرعته واتجاهها بنفس الدقّة أو يمكننا تحديد سرعته واتجاهها بكلّ دقّة، وحينئذ لا نستطيع تحديد موضعه المكاني.
3) كـم الإشـعـاع وقـفـزاتـــه
هناك مسألتان تتعلقان بالإشعاع اكتشفهما ماكس بلانك:
المسألة الأولى: طبيعة الوحدات التي تبعث الإشعاع: الإشعاع ينبعث من وحدات منفصلة غير متّصلة وتسمّى كلّ وحدة من هذه الوحدات(كمّا" quantum (تنطق: كوانتوم) . وهذا الكم مقدار ثابت مهما اختلفت كتلة المادّة أو كثافتها. ولتوضيح معنى الإشعاع أكثر نأخذ المثال التالي: حين نسخّن جسما لدرجة حرارة عالية ونظلّ نرفّع في درجة الحرارة باستمرار فإنّ هذا الجسم يبعث إشعاعا أحمر ثمّ يتحوّل لون اللهب إلى برتقالي فأصفر فأبيض. هذه الواقعة تقبل المشاهدة لكنّنا لم نستطع تفسيرها حتّى ماكس بلانك واعتمد في تفسيرها على أن الطاقة المشعّة تنبعث لا من ينبوع متّصل وإنّما من أجزاء منفصلة أو وحدات منعزلة وسمّى كلّ وحدة "كمّا". ويحمل كلّ كمّ كمّية من الطاقة الثابتة تصاغ في معادلة e=hv. e ترمز إلى الطاقة. و h مقدار ثابت (هو مقدار ثابت لأنّنا إذا قسّمنا الطاقة المشعّة على التردّد نجد دائما مقدارا ثابتا يسمّى ثابت بلانك). وv ترمز إلى التردّد (وهو عدد الذبذبات في الثانية).
الكمّ(جمعه كمّات) أو الكوانطم هو أصغر مقدار من الطاقة يمكن أن يوجد مستقلاّ. بيّنت ماري كوري أن الذرّات عرضة للتغيّر بشكل دائم وأن هذا التغيّر الحاصل في الذرّة هو الذي يسبّب الإشعاع وبرهنت على أن ذرّات المادّة عند تصادمها وتغيّرها إلى أقصى الدرجات لا تبقى على حالها بل تتحوّل مادّتها إلى مادّة أخرى جديدة.
المسألة الثانية: الإشعاع من طبيعة ذرّية جزيْئية لا من طبيعة موجيّة. قضى علماء الذرّة حوالي نصف قرن من بداية القرن العشرين إلى منتصفه وهم في صراع حول طبيعة الضوء، هل هو من طبيعة ذرّية أم من طبيعة موجية. والواقع أن الخلاف بين العلماء قد وجد منذ القرن السابع عشر. رأى نيوتن        Issac Newton (1642-1727) أن الضوء من طبيعة جزيئية لكن العالم الهولندي كرستيان ويـڤانز Christian Huyghens (1629-1695) المعاصر لنيوتن رأى أن الضوء من طبيعة موجية إذ أدرك التشابه بين الضوء والصوت. يصلنا صوت الناقوس بتوسّط الهواء في صورة اهتزازات سريعة أو موجات مغناطيسية كهربائية. ينتقل الضوء أيضا بنفس الطريقة باستثناء أن الضوء يمرّ في الأثير كوسط. وشبّه ويـﭭانز الضوء بماء يتموّج في غدير حين تمرّ عليه موجات الهواء مرورا أفقيا. وكان نيوتن قد استند في إقرار جزيْئِية الضوء إلى ظاهرة الظلّ. فحين يمرّ الضوء على جسم ما، فإنّنا نجد له ظلاّ خلفه ولو كان الضوء موجات لما ظهر ظلّ. ولكن ويـﭭانز علّق على ذلك بقوله أننا نجد أن الأشعّة تنحرف وراء الجسم الصغير وتحيط به من كل" جانب لدرجة أنّها تلتقي مرّة ثانية من خلفه ومن ثمّ لا توجد منطقة من الظلّ  الكامل. ولقد كانت للنظرية الموجية أنصار كثيرون حتّى في عصر نيوتن ذلك أنّهّ ذلك لأنّها فسّرت اختلاف ألوان الطيف السبعة باختلاف ذبذبة طول موجة كلّ لون ولم تفسّر نظرية نيوتن هذا الاختلاف على الرّغم من أن نيوتن هو مكتشف ألوان الطيف. وبعد ويـﭭانز ازداد أنصار النظرية الموجية للضوء ومنهم العالم الأنـﭭليزي يونـﭪ (1773-1829)والعالمان الفرنسيان فرينال Fresnnel (1788-1827) وفوكو Foucault (1819-1868).
وجاء القرن العشرين فنادى ماكس بلانك وألبار اينشتاين بالنظرية الجزيئية في طبيعة الضوء. ووجد علماء الكوانطم أن النظرية الجزيئية في حاجة لتعديل ووجدوا أنّنا إذا وضعنا سلكا رقيقا أو شعرة دقيقة بين مصدر الضوء وحاجز أمامه فإنّه لا يتكوّّن ظلّ واضح، ممّا يوحي بأنّ أشعّة الضوء انعطفت حول السلك أو الشعرة كما تنعطف موجات المياه وراء صخرة. وحين تمرّ حزمة من الأشعّة من خلال فتحة تنشأ على الحاجز دائرة مضيئة محدّدة لكن إذا صغّرنا الفتحة فصارت في حجم ثقب إبرة فإنّه ينتج عنها على الحاجز دوائر متبادلة من الضوء والظلّ تسمّى هذه الظاهرة ظاهرة الحيودla diffraction .
وظلّ الأمر كذلك حتّى قدّم هايزنبرﭪ وماكس بورن Max Born (all.1882-1970) قبيل الحرب العالمية الثانية نظرية جديدة توفّق بين النظرّيتين الموجية والجزيئية وتوصّلا إلى أن كلتا النظريّتين صحيحتان ولا تعارض بينهما بل هما متكاملتان. إن التصوّر الموجي والتصوّر الجزيئي للمادّة والطاقة مظهران أو جنبان لواقع واحد وأن الضوء أو الإشعاع يبدو أحيانا كجزيآت وأحيانا كموجات، لكن ليس كليهما في لحظة واحدة. يتألّف الضوء من جزيآت حين يسقط على المادّة ومن موجات حين يسافر عبر الفضاء. يقول العالم الفلكي جيمس جينز James Jeans إنّ النظريّتين متكاملتان مثلهما كمثل المشط يبدو أحيانا كصفّ من النقط وأحيانا أخرى كقضيب صلب.

Becquerel et Pierre et Marie Curie : prix nobel de physique en 1903
Joseph John Thomson prix nobel de physique 1906
Rutherford : prix nobel de chimie en1908  Ernest
Marie Curie prix nobel de chimie en 1911
Albert Einstein prix nobel de physique 1921
Niels Bohr prix nobel de physique 1922
Louis de broglie prix nobel de physique 1929
Werner Heisenberg prix nobel de physique 1932
Max Born prix nobel de physique 1954




Tags

Enregistrer un commentaire

0Commentaires

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*

To Top