التمرين20: قيل "الآخر شرّ لا بدّ منه". استخرج المسلّمات الضمنية لهذا القول.
أن يكون الآخر شرّا، معناه أن الآخر يشكّل خطورة على الأنا. ومعناه أيضا أن الأنا في هذه القولة يشتكي من الآخر. يقول جون بول سارتر "الجحيم هو الآخر" (L’enfer c’est les autres). وهذا الحكم يجعلنا نستنتج أن الأنا يفضّل أن يكون وحيدا على أن يكون في صحبة الآخر. تلك هي الصفة الأولى للآخر.
الصفة الثانية للآخر هي أنّه ضروري أو "لا بدّ منه" كما ورد في القولة. صحيح أن الآخر شرّ، لكن وجود الأنا لا يستقيم بدون الآخر. فالآخر يلبّي لها عديد الحاجيات (غذاء، كساء، مأوى، زواج، تعليم، علاج...) ثانيا وجود الأنا بدون آخر، هو وجود لا معنى له. ليتخيّل كلّ واحد منّا أنّه وحيد في هذا العالم. أكيد أنّه سيشعر أنّه وجوده لا معنى له، إذ لمن يحيا؟ ولمن يبني ويشيّد ومن سيتذكّره بعد مماته؟ فوعي الآخر بنا بعد موتنا ينقذنا معنويا من الموت ويكسبنا الخلود.
خلاصة القول تكشف هذه القولة عن الموقف المضطرب للأنا تجاه الآخر. فمن جهة يشتكي من الآخر ومن جهة أخرى هو في حاجة إليه. وهذا يعني في نهاية المطاف أن العلاقات البشرية ليست علاقات سلسة وأخوية بل هذه علاقات تستبطن الصراع والتباغض وأن البشر يتحمّلون تواجدهم مع بعضهم البعض على مضض للأسف الشديد.